قصة إخلاص الطبيب أحمد في عمله
نزل الطبيب أحمد من سيارة الأجرة حاملا حقيبة الإسعافات الأولية في يده ،و حقيبة المعدات الطبية على ظهره وبدأ البحث عن حافلة تنقله الى بلدية عين ڨزام جنوب تمنراست و كان حزينا و مهموما و منهكا ،ثم قال: المستشفى هنا يعاني من نقص في الاطباء و لكن لما أنا ؟ لم علي أن أبتعد عن عائلتي و أهلي و أبنائي ؟ أريد العمل قريبا من مقر سكني، أنهي الدوام فأعود لأتناول طعام العشاء رفقة أبنائي و زوجتي لم حظي تعيس هكذا ؟
خاطبه سائق الحافلة مقاطعا حبل أفكاره تفضل بالنزول يا سيدي لقد وصلت إلى وجهتك، اتجه الطبيب أحمد إلى المستشفى الذي عين به مباشرة، قام بوضع حقائبه و أمتعته بالغرفة التي سيقيم بها ،ثم توجه لمكتب المدير ليستلم توقيت العمل، و لم يخف على المدير الحزن و الذهول الذي يبدو على وجه احمد ،فقال له أنا أتفهم جيدا ما تحس به الآن، و كمية الحزن التي تشعر بها لابتعادك عن مقر سكنك، لكنها ليست نهاية العالم بل بالعكس ستكون تجربة جديدة في حياتك مليئة بكل ما هو جميل، خاصة عندما ترى البسمة على وجوه سكان هذه القرية الطيبين، فهم ينتظرون بفارغ الصبر من يخفف عنهم آلامهم ،و يعالج مرضاهم ويسكن وجعهم ،مضت الأسابيع و الشهور و الطبيب أحمد يقوم بفحص السكان و وصف الدواء لهم بكل تفان و إخلاص، كما أنه لم يكتف بالعمل داخل المستشفى فقط، بل كان يتوجه للمناطق الوعرة لفحص المرضى الذين يتعذر عليهم القدوم للمستشفى كما أنه كان يتوجه للمناطق النائية لحقن التطعيم للأطفال فكم من حياة أنقذها هذا الطبيب العظيم لتدخله بسرعة في الوقت المناسب، أصبح سكان قرية عين قزام يحبون الطبيب أحمد، بل و يقدسونه لقيامه بإنقاذ أرواحهم و إعطائهم أملا جديدا بالحياة، كما أصبح هو أيضا يحبهم و أصبحوا جزء لا يتجزأ من حياته، فأصبح يشاركهم أحزانه و أفراحه وصار سعيدا بسبب العمل الإنساني العظيم الذي يقوم به.
عامل النظافة
عمي سليمان هو رجل في العقد الخامس من عمره طويل القامة، هزيل الجسم كست ذقنه لحية بيضاء زادت من هيبته و وقاره، عيناه سوداوان سواد الليل ،يصدر منهما بريق و شعاع يوحي بالقوة و العظمة عمي سليمان ليس برلمانيا و لا إطارا دوليا، بل هو عامل بسيط ،عامل نظافة إلا أن عمله يعد من أعظم المهن و أشرفها ،فمهنته الشاقة المليئة بالمخاطر لها أهمية بالغة في حياتنا، فعمي سليمان يعكف ليلا و نهارا على تنظيف الشوارع و الطرقات، و التخلص من أكياس القمامة بعيدا عن الأحياء و المجمعات السكنية، غير مبال بالخطر الذي قد يصيبه إثر حمل هذه الأكياس، والتي قد تكون محمولة بأشياء حادة كالزجاج و العلب الحادة ......إلخ
لا أستطيع تصور الحياة دون عمي سليمان و أمثاله ،فغيابهم يعني غياب النظافة و الصحة و والعافية فتصبح الأوساخ والجرذان والقاذورات تحاصرنا من كل مكان، بغياب عمي سليمان ستجد الأمراض و الأوبئة طريقها إلينا لتدمر صحتنا وتفتك بنا، فتحية و ألف تحية لك عمي سليمان، فمهنة عامل النظافة رغم أنها لا تحتاج إلى شهاده جامعية، و لا تحتاج إلى دراسات عليا إلا أن هذه المهنة تحتاج إلى عقل واع، و
ضمير حي، و قلب نقي و طاهر و صادق ،ليستطيع القيام بهذه المهنة على أكمل وجه فإياك أن تحتقر مهنة عامل النظافة فهي من أعظم المهن على وجه الكرة الأرضية.
مهنة المستقبل
ذهب داوود و حياة رفقة والدتهما في زيارة لبيت خالتهم ناديه بمناسبة تحصل ابنتها الكبرى على شهاده البكالوريا ،ما إن دخلوا إلى بيت الخالة نادية حتى أطلقت الأم زغرودة مدوية يسمع صوتها في آخر الشارع.
شرعت الجدة في تحضير الطمينة أين قامت بتحميص الدقيق و إذابة الزبدة و العسل، حيث تقوم بدلك الدقيق المحمص الساخن مع الغرس لتضيف بعدها الزبدة و العسل ثم تقدم طبق الطمينة في أحسن حلة.
خاطبت الجدة داوود العاقبة لك يا بني إن شاء الله سنحضر هذه السنة طبق الطمينة في بيتك لنحتفل بنجاحك في شهادة التعليم الابتدائي، أخبرني ماذا تريد أن تصبح في المستقبل أجاب داوود بكل ثقة ميكانيكي، فردت الجدة مستغربة و لم لا تكون طبيبا مثل أبيك، لم اخترت هذه المهنة ؟
رد داوود : في شتاء العام الماضي كنت متوجها مع أبي إلى جبال ملوحث أين توقفت بنا السيارة فجأة في منتصف الطريق، فسعى أبي للبحث عن سبب المشكلة و إصلاحها و لكن دون جدوى، حينئذ اضطر لاقتيادها إلى أقرب ميكانيكي متوفر.
قام الميكانيكي بالبحث عن سبب توقف السيارة عن العمل، و بعد جهد جهيد تمكن من اكتشاف قطعة مكسورة لا تكاد ترى، فقام باستبدالها بأخرى سليمة .
أكملنا مسيرتنا بعد إصلاح السيارة، و أنا أفكر في هذه المهنة العظيمة التي تحتاج صبرا وذكاء و حنكة.
عقبت الأم أنا جد فخورة بك يا بني و سوف أشجعك و أدعمك لتتمكن من ارتياد المدرسة العليا للميكانيك، و التي ستساعدك على التألق في هذا المجال الذي تعشقه.
ردت الخالة أنت محق يا عزيزي فإذا أردنا الخير لبلادنا فعلينا أن نتفوق في جميع المجالات ،فهذا طبيب و هذا معلم و هذا مهندس و هذا خبير إلى آخره، كي نحقق التوازن و الإنسجام في كل مجالات الحياة.
الرسام الصغير
فقد دحمان حاسة سمعه جراء إصابته بالحمى و هو صغير، هو الآن يبلغ 12 سنة من عمره، و هو ولد ودود لطيف و حساس و يعشق هواية الرسم ،فهو يمضي جل أوقات فراغه في الرسم والتلوين رغم أن والدته كانت تنهاه عن الرسم قائلة: ما هذا إلا مضيعة للوقت و إهمال لدروسك و واجباتك المدرسية، إلا أن دحمان كان مصرا على ممارسة هوايته المفضلة، مراعيا و محافظا على دروسه و واجباته.
في أحد الأيام مرض والد دحمان مرضا شديدا فارتفعت درجة حرارته و صعب عليه الكلام ،فتنقل له طبيب القرية لمعاينته و بينما كان الطبيب يفحص الأب، إذ قدم له دحمان رسمة مخاطبا إياه مستعملا لغة الإشارة
حاول الطبيب أن يفهم ما يقول دحمان لكن دون جدوى، فخاطبه الأب أنه يشكرك على مجيئك هنا لمعالجتي، انبهر الطبيب لذكاء دحمان و سرعة بديهته ،و كذا الرسم الذي قام بإنهائه في وقت وجيز فقال لوالده : من الواجب أن تدعم ابنك و تشجعه فهو رغم إعاقته إلا أنه يمتلك موهبة نادرة، و لربما يصير فنان عالميا و عندما أراد الأب دفع مستحقات الطبيب رفض ذلك قائلا : "إن الهدية التي قدمت لي اليوم هي أضعاف ما تدفعه أنت لي ،فقد جعلتني سعيدا جدا وفخورا للغاية".
أثرت هذه الحكاية بشكل كبير في دحمان حيث أصبح والداه يشجعانه و يدعمانه حتى التحق بمعهد الفنون الجميلة أين سيحقق كل أحلامه هناك.
قد يهمك أيضا :